كل فرد يولد فى هذا العالم لديه مواهب و مهارات متنوعه، كما اننا نتعلم الكثير مع مرور الوقت، نبدأ التعلم منذ الطفوله بملاحظة ماذا يفعل الآخرين. علماء النفس يسمون ذلك (التعلم الإدراكي) هذا يعنى ملاحظة سلوك معين ثم رؤية النتيجة التى تحققت ثم إعادة إخراج هذا السلوك عندما تريد نفس النتيجه. بداية من هذا التعلم الأساسى، نبدأ فى إستيعاب المعلومات بوعي أو بدونه. بالرغم من أن المعرفه قيمة وقوة، إلا أن التخمة فى المعلومات أحيانا تمثل عائقا يمنعنا من معرفة ما هو الذى نجيده من هذا الزحام فى المعلومات. نحن نجيد عمل عدة أشياء ولكن لو أننا إكتشفنا المناطق التى نتميز ونتفوق فيها عندئذٍ سنكتشف مواطن القوة فى شخصيتنا. إنها حقيقه مقبوله ان كل فرد لديه مواطن ضعف جنباً إلى جنب مع مواطن القوة. الضعف قد يكون عيب شخصى فى شخص ما مثل الخجل، الخوف أو عادة غير مرغوب فيها يكون قد إكتسبها مع الوقت، أيا كان نوع الضعف علينا أن نتقبله كحقيقه موجودة فى الشخصية. تبرير نقاط الضعف لن يساعدنا على التخلص منها، بمجرد أن أصبحت على وعي بنقاط الضعف في شخصيتك ستكتسب القوة للعمل على التغلب عليها والتخلص منها. وإذا تجاهلت أو أنكرت نقاط ضعفك ستظل حاملا عبئها ولن تفكر فى معالجتها.
كذلك عليك معرفة ما يعجبك وما لا يعجبك؛ كل فرد له ذوقه الخاص هناك ما يروق له و يعجبه و ما لا يروق له ولا يعجبه. نعلم جميعا المثل الشائع فى عالم التجارة الذي يقول لولا إختلاف الأذواق لبارت السلع. لا يوجد ما يعيب فى أن ما يعجب أخاك لا يعجبك، ذوقك فى الإختيار هو ما يميز شخصيتك عن غيرك، لا يوجد ما يسىء فى إختلاف ما يعجبك عن ما يعجب غيرك، عليك تقبل هذا الإختلاف. كذلك لا يوجد ما يعيب فى أن يكون لك رأي مختلف عن الآخرين، العيب فى محاولة فرضه على الآخرين، لا تجادل لتقنع الآخرين برأيك، فمن الأفضل أن تحافظ على رأيك وفى نفس الوقت أن تحترم رأي الآخرين. إذا أردت أن تعيش سعيداً و ناجحاً، عليك معرفه شخصيتك، تَعرّف على مواطن قوتها وضعفها لتحافظ على توازنها العقلي والنفسىي و لتبقي على علاقات طيبه ومتناغمة مع الآخرين. جاء هذا المقال لمعرفه كيف يمكننا أن نزيد من الوعي على الذات من خلال الممارسات الروحانيه مثل اليوغا والتامل والتصوف وادراك اهميتها في زياده الوعي وفوائدها.
الروحانية هي تماما مثل الأديان، لكن تأكيدهم و برهانهم على هذه النظريات هو وجود القوى فوق الطبيعية لا يكون عن طريق رسالات أو كتب سماوية (مثل الديانات السماوية) او برهان عقلي (مثل الميتافيزيقيا الفلسفية) وإنما عن طريق التجربة والخبرة الشخصية التي تكتسب عن طريق ممارسات تعبدية معينة. قد تكون الروحانية تعبيرا عن شعور بالحياة أكثر تعقيدا وأكبر من مجرد الإحساس اليومي بالأشياء؛ بل يجب أن يكون فهمنا للحياة مترافقا مع رؤية للعالم تتضمن موقفا من الكثير من القضايا الإنسانية. من مجمل التعريفات، شملت الروحانية الممارسات العبادية كالتصوف والبوذية ولكن بالإمكان وصف رجل الدين أو الرجل المؤمن بأنه روحاني لكثرة ممارساته للعبادة. تعمد الروحانية على التواصل والتخاطر مع الرب روحانيا وهنالك ممارسة لهذا التخاطر تسمي بالطقوس الدينيه. هنالك أيضاً الرياضات الروحانية كاليوغا وهي جزء من الممارسات والطقوس الدينية لدى الديانات البوذية والهندوسية. اليوجا هندية الأصل، كونية الطابع وتعود إلى ما قبل التاريخ وبدأت اليوغا في الإنتشار وأصبح هناك مدربون لها في الكثير من الأمكان. لكن عدد مزاولين اليوغا قليل نوعا ما ولا يزال إنتشارها في مجتمعنا محصور بأقليات الروحانيين والمثقفين الواعين لأبعادها وبهذا تبقى أهدافها شبه مجهولة من قبل الأكثرية الساحقة التي تعتبرها ترفاً خارجاً عن المألوف وتنظر الى هواتها نظرة سخرية واستخفاف.
من هنا كان لا بد من توضيح فلسفة هذه الرياضة الروحانية المستوردة من الهند لتقريبها الى الأذهان وبالتالي تعميم أسسها العامة ودورها الفعّال في تحقيق السلام الإجتماعي والشفاء من الأمراض وعلى سبيل المثال يمكن للأشخاص الذين يعانون من الألم أن يجدو وضعيات تستهدف الألم و تقوم بتخفيفه وكذلك التغلب على مشاعر العجز. كم وتساعد اليوغا على اتحاد الجسد مع النفس؛ فن التعارف والاتحاد بين الجسد والروح من جهة، وبين الإنسان والكون من جهة أخرى، فالإنسان عند ممارسة اليوغا يخرج الطاقات من الأرض وينقلها عبر جسده ليتم نشرها في الكون وهذا ما يساعد على خلق علاقة جديدة بين الإنسان والكون.
سواء أكانت اليوغا نمطاً من أنماط الفلسفة أو رياضة روحية وجسدية، فإن الحاجة إليها اليوم باتت أقوى من ذي قبل، لأسباب عديدة. يحتاج الإنسان إلى ممارسة اليوغا لإعادة التوازن في حياته، فهي تمنحه حاسة سادسة، أو رؤية أخرى لمجريات الأمور. الإنسان يعيش في صراع مع الحياة للحصول على متطلباته اليومية، سواء أكانت مالا، شهرة أو أي شيء آخر. وفي بعض الأحيان، لا يستطيع الوصول إلى متطلباته فيدخل في دائرة الصراع بين ما هو متاح أو موجود وبين ما يحتاجه لتحقيق سعادته، وهنا يأتي دور اليوغا إذ تساعد على توعية الإنسان لما يحتاجه فعلياً، وتوجيهه نحو تحقيق سعادته خارج إطار الصراع الداخلي. اليوغا تشبه شجرة بأغصان وفروع متنوعة، وأهم هذه الأنواع هي:
- هاثا يوغا: يمثل الفرع الجسدي والعقلي المصمم لتوجيه الجسد والعقل.
- راجا يوغا: يشمل هذا الفرع التأمل والالتزام الصارم بسلسلة من الخطوات التأديبية المعروفة باسم “الأطراف الثمانية” لليوغا.
- كارما يوغا: طريقة تهدف إلى خلق مستقبل خالٍ من السلبية والأنانية.
- بهاكتي يوغا: تهدف إلى تأسيس طريق للإخلاص، وهي وسيلة إيجابية لتوجيه العواطف وزرع القبول والتسامح.
- يانا يوغا: يمثل هذا الفرع من اليوغا، الحكمة، وتطوير الفكر.
- تاتنرا يوغا: يساعد هذا النوع في الدخول بعلاقات جديدة مع المحيط الاجتماعي.
وعليه، فإن أي فرع يتبعه الشخص يساعده في تحقيق الهدف المنشود الذي يحاول الوصول إليه. آخر الدراسات في هذا المجال كشفـت عن مقدرة اليوغا على خفـض كوليستيرول الدم الضـار وهرموني الأدرينالين والكورتيزول المسببين للتوتر وبالتـالي الأمراض الناجمة عن ارتفاعهـما كأمراض القـلب والشرايين والسكـري وحتى السرطـان إضافة إلى الأمراض الإكتئابية والميل الى تعاطي الكحول والمخـدرات. من المشاعر الايجابيه التي تولدها ممارسه اليوغا السعاده، الصحه الجسديه، الحريه، الانسجام العقلي، التوازن النفسي، احساس افضل بالعالم الخارجي.
أما بالنسبة لدور التأمل اليومي لرفع الوعي الذاتي كبير، فهو يساعد على السيطرة على كل المشاعر والأفكار المختلفة التي تدور في الدماغ من أجل التركيز على اللحظة الحاضرة والحالية. لممارسة التامل اليومي ننصحك في تخصيص وقت محدد لذلك يوميًا سواء صباحا عند الإستيقاظ من النوم أو قبل النوم مساءً. مارس التأمل لمدة عشر دقائق في البداية ثم من الممكن زيادة فترة التمرين لا تيأس في حال لم تلاحظ أي نتيجة خلال الفترة الأولى فأنت بحاجة لوقت لذلك من الممكن أن تستعين ببعض البرامج والتطبيقات مثل توازن للمساعدة في تطبيق التأمل اليومي لرفع الوعي الذاتي. ممارسة التأمل يزيد من الوعي بطريقة التعبير عن نفسك من خلال جسدك ويصبح عندك إدراك أكثر ووعي مرتبط بتعاملك مع جسدك. تعلم كيف تجلس ومتى تقف أو تمشي. أما نتائجه فمباشرة إذ يجعلك مدركاً أكثر للأفكار؛ الفكرة بسيطة وهي أن تكون بسكون، الكلام الكثير يجلب المشاكل الكثيرة، وكل ما قل الكلام، قلت المشاكل.
هناك عامل في التأمل يفوق كل أنواع الرياضة، شيء مقدس، الهدوء، الهدوء يجلب راحة كبيرة والتمرين يأتي بنتائج مباشرة. نحن نتربى على أن العقل هو الحكمة والقوة. القلب هو الحل والحس يأتي من القلب ليس من العقل. التأمل هو إخلاء العقل وخلق التوازن بين العقل والجسم والنفس والروح. الخطاب الصوفي في مختلف تجلّياته يحكي أطوار هذه الرحلة ويقدّم الأدلّة عليها، الطريق بمقاماته وأحواله اختبار للسالك وإشارات ترشده إلى هدفه الأسمى. اللغة الصوفيّة ستر من جهة، وإبانة من جهة أخرى عن خصوصيّة البحث الصوفي عن الذات حيث يكون تفاعله معها تقبّلا وإنشاءً دالا على رغبته في تجاوز المألوف والمتعارف عليه وإقامة الدليل على امتلاك آليات التواصل وقدرته الخارقة على التحكّم فيها وتصريفها وفق ما يعتمل بداخله من مواجد وتصوّرات.
لقد قدّم الخطاب الصوفي تصوّرا مخصوصا للذات البشريّة بشكل تفصيليّ دقيق علّل به عديد الظواهر التي تعرض للكائن البشري. منها ما استمدّه الصوفيّة من تجربتهم الروحيّة ومنها ما استفادو به من تجارب غيرهم سواء كانو مسلمين أو منتمين إلى أديان مغايرة. هذا دليل على أنّهم في سعيهم إلى معرفة الذات قد حرصو على الاطلاع على كلّ ما من شأنه أن يقدّم إضافة أو توضيحا في هذا الباب فلم يحترزو أو يتحرّجو من الأخذ من الآخر المختلف والمخالف لهم. كان الخطاب الصوفي جامعا لنصوص وروافد متباينة وحاملا لتأويلات متعدّدة تصبّ في النهاية عند مقصد واحد وهو معرفة الذات. بها يكتسي هذا الخطاب أبعادا إنسانيّة رحبة تضاف إلى حقيقة الذات التي يعمل الصوفي على كشفها والتعبير عنها والتي تتحرّر عنده من كلّ انتماء وقيد ولا تعترف إلاّ بالتوحيد قولا واعتقادا وعملا. في نهاية المقال ومن وجهة نظري، اجد أن من أهم المواضيع التي يجب على الانسان أن يتعلمها هو الوعي على الذات لتحقيق الذات وليرى ما يناسبه فعلا وما هو بحاجته. مع التطور المتسارع الذي نعيشه اليوم‘ اجد اننا فقدنا هذا الجزء من ذواتنا واصبح العالم المادي هو المسيطر على حياتنا بعيدا عن الجانب الروحي. أرى أن مثل هذه الممارسات الروحيه جدا فعاله للتواصل الذاتي وأيضا لشفاء الروح والنفس والجسد.
سراء القضاة