الذكاء العاطفي ومصمم تجربة المستخدم

الذكاء العاطفي ومصمم تجربة المستخدم

أول من تحدث عن الذكاء العاطفي هو العالم ادوارد ثوراندايك ١٩٢٠، في ذلك الوقت لم يتم معرفة ماهية الذكاء العاطفي فعلا ولم يتم وضع تعريف محدد وواضح حتى أوائل التسعينات، حين قام العالم دانييل غولمن بدراسة ما هو الذكاء العاطفي خاصه في العمل وألف كتاب اسمه “الذكاء العاطفي”، من هنا بدأ الاهتمام الشديد بموضوع الذكاء العاطفي ودراسة ماهيته. عرف الذكاء العاطفي على أنه القدرة على التعرف على شعورنا الشخصي وشعور الآخرين لإدارة عاطفتنا بشكل سليم في علاقتنا مع أنفسنا ومع الآخرين. يمكن القول بأن الذكاء العاطفي هو حسن استعمال العواطف والقدرة على فهمها. من الممكن اكتساب الذكاء العاطفي وهنالك أشخاص لديهم درجة عالية من الذكاء العاطفي وآخرين لا يملكون مستوى عالي منها. لكي يعرف الشخص أنه يمتلك مهارة الذكاء العاطفي أم لا، فإن للذكاء العاطفي عدة مكونات أو يمكن تسميتها سمات تتوافر بالشخص الذي يمتلك هذه المهارة، وهي الوعي بالذات، تحفيز الذات، التحكم بالذات، التعاطف، والمهارات الاجتماعية.

الحياة في تطور مستمر وتستحدث الوظائف مع هذه التطورات، مثلا، تصميم تجربة المستخدم هي وظيفة استحدثت بسبب التطور التكنولوجي وتطور الحياة وأول من وضع بصمة لهذا المسمى هو دونالد نورمان الذي انضم لشركة (أبل) في أوائل التسعينات وبالتالي هو أول شخص لديه مسمى مصمم تجربة المستخدم كوظيفة. تصميم تجربة المستخدم تعني، أنها عملية زيادة رضا وولاء العملاء من خلال تحسين قابلتها بالاستخدام وسهولة الاستخدام والمتعة المنبعثة من التفاعل بين العميل والمنتج. إن الرابط الأساسي بين الذكاء العاطفي ووظيفة تجربة المستخدم هو أنه مصممين تجربة المستخدم يحاولون فهم طبيعة المستخدمين ثم التفكير بتلبية احتياجاتهم ثم تطبيق الحلول ومن ثم عمليات القياس ومدى الملائمة لاحتياجات المستخدمين. يعد المستخدمين محور عالم مصمم التجربة والهم الأول و الأخير للمصممين، بمعنى أن إرضاء العميل هي الغاية الأهم، و قيمة المنتج هي ما يسعى لها المصممون.

عند التحدث عن قيمة المنتج، هنالك ستة عوامل أساسية مرتبطة بمفهوم القيمة؛ أن يكون المنتج مفيد، مرغوب من قبل المستهلكين، ملائم، يمكن الوصول للمنتج (بغض النظر عن اختلافات المستهلكين سواء العمرية أو الفكرية)، أن يحصل المنتج على ثقة العملاء، قابل للعثور (بمعنى أنه معروف) وسهل الاستخدام. ببساطة يجب أن يأخذ مصمموا تجربة المستخدم رغبات وحاجات المستخدم بعين الإعتبار ومعرفة توقعاته وما الذي يريده ولا يريده وإيجاد حلول فعالة للمشاكل التي قد تطرأ وهنا تتضح العلاقة الوثيقة بين الذكاء العاطفي ووظيفة مصمم تجربة المستخدم. أما تجربة المستخدم فتعني، التأثير الذي يشعر به المستخدم كنتيجة لتفاعله واستخدامه لنظام، برنامج أو جهاز، والتفاعل مع المنتج يتضمن النظر، اللمس، التفكير والإعجاب بالمنتج. ما يفعله مصمم تجربة المستخدم هو تحديد السلوك المتبع من قبل الأفراد في المستقبل خاصة وأن تجربة المستخدم موجودة في كل مكان حولنا، في السيارات، الهاتف المحمول وحتى في السوبرماركت. مصطلح مصمم تجربة المستخدم مصطلح شامل ويندرج تحته أربعة تخصصات فرعية هي:

  • استراتيجية التجربة؛ هيتلبية احتياجات العميل واحتياجات الشركة.
  • تصميم التفاعل؛ تفاعل المستخدم مع النظام والعناصر التفاعلية والهدف أن يكمل المستخدم المهام والإجراءات دون عناء.
  • أبحاث المستخدم؛ جمع البيانات النوعية والكمية لاتخاذ قرارات التصميم.
  • هندسة المعلومات؛ تصميم المحتوى واللغة المستخدمة والتأكد أنها مقنعة ومتسقة.

الهدف من ذلك هو جعل المنتجات والخدمات سهلة الاستخدام ويمكن الوصول إليها قدر الإمكان. لتحقيق ذلك يتم ربط التفكير التصميمي في عملية تصميم تجربة المستخدم حتى تصبح العملية مزيج من الجدوى التقنية وجدوى الأعمال ورغبات المستخدم. يقوم المصمم بإجراء بحث مكثف وتحليل المنافسين، معرفة رغبات وحاجات وعواطف العملاء، وإجراء عصف ذهني لوضع الحلول لكل خطوه وبناء النماذج الأولية للمنتج النهائي، ثم يأتي دور اختبارات قابلية الاستخدام، لمعرفة إذا كان لابد من اجراء التغييرات. يعتمد المصممين عند إجراء هذه العمليات على العوامل الأساسية المرتبطة بمفهوم القيمة (التي تم ذكرها سابقا). أما عن أنواع المشاريع التي يعمل عليها مصمموا تجربة المستخدم، فهي:

  • تصميم المواقع الإلكترونية والتطبيقات والبرامج والهواتف الذكية.
  • تصميم الخدمة وذلك شمل التنظيم والتخطيط البنيه التحتية والمكونات المادية لتحسين الجودة.
  • الواقع الافتراضي والواقع المعزز، إنشاء نهج لضمان سهولة الوصول لأحدث التقنيات.
  • التصميم الصوتي؛ إن واجهات المستخدم الصوتية تعد ثورة في طريقة التفاعل مع التكنولوجيا حيث أن أغلب البالغين يستخدمون البحث الصوتي بشكل يومي.

إن قيمة تصميم تجربة المستخدم من وجهة نظر المستخدم النهائي هي أن التصميم الجيد يمكننا من ممارسة مهامنا اليومية دون عناء قدر الإمكان بدءاً من ضبط المنبه على الهاتف، إلى الدردشة عبر الإنترنت أو الاستماع للموسيقى وغيرها، هذه السهولة هي نتيجة التصميم الجيد. هناك ما يسمى بالتصميم الشامل بمعنى أن يتم تحقيق قيمه لجميع أنواع المستخدمين والوصول لكل شيء والاستمتاع به وفهمه من قبل الجميع بغض النظر عن العمر أو القدرة. هناك سبع مبادئ أساسية للتصميم الشامل هي:

  • الإستخدام العادل: التصميم مفيد وقابل للتسويق للأشخاص ذوي القدرات المتنوعة. 
  • المرونة في الإستخدام: يستوعب التصميم مجموعة واسعة من التفضيلات والقدرات الفردية. 
  • الذكاء العاطفي: من السهل فهم استخدام التصميم بغض النظر عن خبرة المستخدم أو معرفته أو مهاراته اللغوية أو مستوى التركيز الحالي.
  • المعلومات الملموسة: ينقل التصميم المعلومات الضرورية بشكل فعال إلى المستخدم بغض النظر عن الظروف المحيطة أو القدرات الحسية للمستخدم.
  • التسامح مع الخطأ: يقلل التصميم من المخاطر والعواقب السلبية للأعمال العرضية أو غير المقصودة.
  • جهد بدني منخفض: يمكن استخدام التصميم بكفاءة وراحة وبأقل قدر من التعب.
  • الحجم والمساحة للنهج والاستخدام: يتم توفير الحجم والمساحة المناسبة للاقتراب والوصول والتلاعب والإستخدام بغض النظر عن حجم جسم المستخدم أو وضعه أو حركته.

يعد التصميم الجيد هو استثمار جيد من منظور الأعمال التجارية، لضمان رضا العملاء وبناء ولاء للعلامة التجارية. فقط إذا كان المنتج أو الخدمة خالية من المتاعب وممتعة حينها سيريد المستخدم العودة. الميزة التنافسية للشركات التي يحركها التصميم تجعل الشركة تتفوق على منافسيها، كما أن  التفكير التصميمي في الأعمال التجارية يخلق ميزة تنافسية قابلة للقياس. ان مصممي تجربة المستخدم في وضع يمكنهم من تشكيل العالم من حولنا حقًا.

كيف تصبح مصمم تجربة المستخدم؟ يعد تصميم تجربة المستخدم  مجالا متعدد الأوجه، يتطلب العمل في  مجموعة مهارات متنوعة للغاية إلى جانب شغف بالتصميم الذي يركز على المستخدم. يمكن أن تكون الحياة المهنية متنوعة للغاية ومليئة بالتحديات ومجزية من الناحية المالية. وفقًا لـموقه (جلاس دور)، متوسط ​​الراتب لمصمم تجربة المستخدم في الولايات المتحدة هو 97.460 دولارًا. من الملاحظ انه لا توجد خلفية أو مسار قياسي يؤدي إلى الحصول على هذه الوظيفة. مع ذلك ، أفضل المصممين  يشتركون عادة في بعض الصفات والسمات منها:

  • القدرة على التفكير الإبداعي والتحليلي
  • قدره فعاله للتعاطف وفهم عقلية المستخدم أولا
  • الاهتمام بالتكنولوجيا وكيفية تفاعل البشر معها
  • مهارات قوية في حل المشكلات
  • مهارات تواصل قوية والقدرة على التعاون

أما الكفاءات و المتطلبات (الوصف الوظيفي) لمصمم تجربة المستخدم، هي:

  • الكفاءة في إنشاء قصص المستخدم والشخصيات، وخرائط المواقع، والإطارات السلكية، والنماذج الأولية واللوحات المصورة
  • القدرة على تخطيط وإجراء اختبارات المستخدم والإستطلاعات والتقييمات الرسمية
  • القدرة على تكرار العمل بناء على بيانات اختبار المستخدم وردود الفعل النوعية
  • فهم مبادئ تصميم التفاعل وهندسة المعلومات
  • القدرة على ترجمة الأهداف والغايات والبيانات إلى تجارب رقمية
  • فهم مقاييس العمل وكيف تساهم تصميماتك في الأداء
  • مهارات الاتصال والعرض القوية ؛ بمعنى القدرة على توضيح ومناقشة قرارات التصميم الخاصة بك مع العملاء وأصحاب المصلحة
  • المرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات

يقوم مصممو تجربة المستخدم  بقياس وتحسين التطبيقات لتحسين سهولة الاستخدام وإنشاء أفضل تجربة للمستخدم عن طريق استكشاف العديد من الأساليب المختلفة لحل مشكلات المستخدمين النهائيين. تتمثل إحدى الطرق التي يمكن لمصمم تجربة المستخدم في القيام بذلك هي إجراء اختبارات المستخدم الشخصية لمراقبة السلوك، ثم يقومون بتنقيح وتعديل التطبيقات والبرامج ومواقع الويب لإنشاء منتجات يحبها الناس ويجدونها سهلة الاستخدام. على الشركة أن تهتم بكل جوانب المنتج بالإضافة إلى اهتمامها برغبات الزبون لتخلق خلطة سحرية تجعل منتجها ناجحا. من خطوات عملية تصميم تجربة المستخدم؛ فهم المتطلبات، عمليات البحث، تخطيط المنتج الأولي، التصميم، التنفيذ، والاختبار. إن تجربة المستخدم هي القيمة التي تقدمها لمستخدمك عند اسخدامه لمنتجك. يقول ارسطو “ان المشكلة لا تكمن في  المشاعر أو العاطفة نفسها، وإنما في طريقة التعبير عنها ومناسبتها للموقف. هذا ما يحاول فعله مصمم تجربة المستخدم بالإعتماد على علم الذكاء العاطفي.

يارا النسور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *