إدارة التغيير

إدارة التغيير

عندما يقوم الأفراد، المؤسسات أو أي جهة رسمية كانت أم لا بالمبادرة لتحسين الآداء أو اغتنام الفرص أو معالجة القضايا الرئيسية فذلك دائما ما يتطلب تغييرات. التغييرات في العمليات والأدوار والأسلوب أو النهج المتبع لتحقيق ذلك التغيير والطريقة التي سيتم تطبيقها في التنفيذ. لأن ذلك يتطلب تغييرات معينة، لابد من أن تتم إدارة هذا التغيير بطريقة صحيحة، لذا سنتعرف في هذا المقال على ماهية ما يسمى “إدارة التغيير”، فوائده، وبعض الأمثلة على التغييرات التي تطرأ على صعيد فردي أو مؤسسي، وما يسمى بمنحنى التغييروالذي يشابه لحد كبير المنحنيات التي تعبر عن تقبلنا أو المراحل التي نمر بها عندما نشهد مواقف عاطفية معينة. للتغيير عوامل خارجية ترتبط بكل من الجانب السياسي والإجتماعي والتكنولوجي والثقافي، وتؤثر في المستوى المحلي وربما العالمي إلى جانب مجموعة من العوامل الداخلية تبعا للظروف أو البيئة الداخلية.

إدارة التغيير هي النظام الذي يوجّه كيفية تحضير الأفراد ومؤسسات الأعمال وتجهيزهم ودعمهم لاعتماد التغيير بنجاح من أجل دفع النجاح المؤسسي والنتائج، والارتقاء بظروف العمل ونقلها من وضع إلى وضع آخر أفضل منه. تساعد إدارة التغيير على حل المشكلات بطرق إبداعية، والاستفادة من الخبرات، واستجماع القوى الفردية أو الجماعية، والعمل في المؤسسات ضمن فرق متجانسة ومنسجمة لتحقيق الأهداف المختلفة. أيضا، تساعد على النمو فذلك جزء أساسي من التغيير. كل مؤسسة لابد لها من أن تمر بمراحل تغيّر، فهو حزء من استمراريتها ونموها لتصبح ناجحة، ولكن تمكين هذا التغيير ليس بالأمر السهل طبعا، لذا فإدارة التغيير تلعب دورًا مهمًا هنا، والاعتياد على الروتين في العمل هو ما يصعّب وقع أو أثر التغييرات الكبيرة التي قد تحدث كجزء من تطور المؤسسات.

قامت الطبيبة النفسية السويسرية (اليزابيث كوبلرروسّ) بعمل منحنى سمّته منحنى التغيير يصف مراحل التعامل مع التغيير وهم أربع مراحل أساسية الأولى هي الصدمة، الثانية هي الإرتباك، الثالثة هي الإكتشاف والرابعة هي البناء:

  1. الأولى (الصدمة): يكون الشخص في حالة ما من الصدمة والتهيء للتغيير المطروح ويبدأ إقناع الذات بأن التغيّر لن يحدث او حالة ما من الانكار. يكون الشخص هنا بالحاجة لفهم الأحداث والأمور التي تحدث فعلًا نحو التغيير، والتواصل الفعال مهم جدًا في هذه المرحلة حتى يدرك الشخص كيفية استقائه للمعلومات التي تسهل عليه تفسير التغيير.
  2. أما الثانية (الارتباك): فيبدأ بها الشخص بمقاومة التغير بسبب الشعور بأن التغيير سيؤدي لنتائج سلبية أو من الممكن أن نصف الأمر بأنه الخوف من المجهول، وفي حال لم يتم التعامل مع هذه المرحلة بسرعة وفعالية فمن المحتمل أن تقود لحالة ما من الفوضى لذا لابد من التعبير عن المشاعر في تلك المرحلة.
  3. الثالثة ( الإكتشاف): تتحول فيها مشاعر الخوف والرفض والسلبية للتجه أكثر نحو التقبل والفهم للتغيير وكيفية التكيّف مع المرحلة القادمة سواء في العمل أو الحياة الشخصية أو حتى الاكاديمية.
  4. في المرحلة الرابعة (الإعتياد) تبدأ رحلة البدء بالاعتياد على التغير بل والاقتناع بفوائده، وتتسم هذه المرحلة بارتفاع درجة الكفائة في التعامل مع التغيير ويفضل أن تتضمن هذه المرحلة نوع من الاحتفال التخفيزي بهدف تذكّر أهمية التغيير وتخفيف وطأته مستقبلاً.

عندما نتطرق للتغيير لدى الأفراد، نرى إختلافًا طفيفا في بعض الجوانب التي يتعلق بها التغيير. في المؤسسات التغيير يكون بهدف تحسين البيئة العامة والتي تكون في صالح الارتقاء بكفاءة المؤسسة وموظفيها، وهي مهمة ما يسمى بمدير إدارة التغيير. التغيير الفردي يختلف بحيث أنه يتعلق بالذات أكثر من المجموعة فمثلا، التغيير قد يكون للتخلص من عادة معينة مثل الانانية على سبيل المثال لا الحصر، ومراحل التغيير تبدأ من اهمال أهمية التغيير أو عدم النظر إليها بسبب صعوبة الخروج من دائرة الراحة والخوف من عدم تحقيق أهداف التغيير أو العملية التي سيمر بها خلال وصوله للهدف، لتنتقل للانكار وعملية مشابهة جدا لمنحنى التغيير في المؤسسات.

تكمن أهمية إدارة التغيير بالقدرة على حل المشكلات بطرق إبداعية، والاستفادة من الخبرات المحيطة، والعمل ضمن فريق لتحقيق الأهداف المحددة. وإدارة التغيير هي النشاط الذي يحرص على النوعية لا الكمية من ناحية أهداف التغيير وتطبيقه من خلال وضع خطط أو هياكل تنظيمية للأمر. وفهم البيئة المتغيرة والتحولات التي تعتريها شيء أساسي لدراسة التغيير والقدرة على دمج الأهداف مع العوامل التكنولوجية و الاقتصادية وغيرها. ولتسهيل فهم الأمر في التغيير المؤسسي اليكم بعض الأمثلة: تغيير في مهمة المؤسسة، الاستراتيجيات، النظم التشغيلية والمسؤليات.

هناك ثلاث أنواع أساسية للتغييروهي:

  • التغيير الإنسيابي، وهو تغيير بسيط لا يتم فيه تبديل مسار الإجراءات إنما التعديل على الكيفية في القيام بالمهمة.
  • التغيير بالدمج، والذي يحدث من خلال دمج الأجراءات مع بعضها بحيث تتغير طريقة تأدية العديد من المهام.
  • التغيير المتقدم، الذي يتم من خلال جمع جميع الاستراتيجيات و الإجراءات فيتم استبعاد الإجراءات التي لن تكون مجدية ودمج ما تبقى من استراتيجيات.

وهناك ما يسمى بأعداء التغيير والذين في بعض الأحيان قد يكونو أنفسنا، وذلك بسبب بعض العوامل التي تطرقنا لبعضها مسبقا كالخوف من الخروج من منطقة الراحة أو تحمل جهد ومسؤولية إضافية أو التغيير في كيفية تأدية الأعمال، مما يؤدي لعزوف البعض أو حتى مقاومة التغيير حتى لا يضطروا للخروج من مكان الراحة لديهم. التجدد والتطور والتغيير مواضع أساسية تمر المؤسسات والشركات والأفراد بها بهدف التكيف مع التغيرات والتطورات الأكبر التي تحدث على مستوى مجتمعي أو إقليمي أو حتى عالمي ليتسنى لهم مواكبة مجريات العالم والمقدرة على مجاراته. الإصرار أو الاستمرارية نحو التغيير أيضا أمر في غاية الأهمية ولربما أكثر مثال معروف يمكن طرحه في هذا السياق هو العالم والمخترع توماس أديسون في محاولاته العشرة آلاف لاختراع المصباح حيث لم يتقاعس بل استمر في بحثه وتطويره حتى أضاء.

لا ننسى أن التقييم والمراجعة والتحسين المستمر بقدر ما يكون التغيير صعبا أو حتى مؤلما، فهو أيضا عملية مستمرة. يتم ضبط استراتيجيات إدارة التغيير عادة خلال المشروع. يجب أن يتم نسج هذا كله خلال جميع الخطوات لتحديد وإزالة المُعوقات. كما هي الحاجة إلى الموارد والبيانات، إن هذه العملية جيدة ومهمة مثل الالتزام بالقياس والتحليل. ختاما لا بد لنا من أن ندرك أهمية التغيير على الفرد والمجتمع وأنه يرتبط إرتباطا وثيقا بالتطور وعدمه يؤدي للثبات والتقوقع. ادراك أهمية مراحل التغيير ينقلنا بخطى ثابتة نحو تغييرات مستقبلية والحصول على نتائج فعالة. التفكير بالتغيير وتقبله هي عبارة عن مهارات لابد من غرسها في أطفالنا، لأنها تبعدنا عن الأنانية مثلا كما ذكرنا سابقا وتنمي التفكير الإبداعي الذي يعمل على مساعدة الأشخاص في تحديد أهمية اختيار مواضع التغيير. كل شيء في هذا العالم يتغير ولا شيء ثابت إلا التغيير نفسه، لذلك فهو ممر إجباري العبور من خلتله لذا من المهم أن يكون التغيير مبني على أسس منطقية.

يوسف النسور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *