ما بعد السلام!

ما بعد السلام!

كل منا لديه عوائق تقف في حياته على مستوى الفرد، وربما قد يكون لديه تحفيزات أيضاً، تؤثر بشكل أو بآخر على قراراته، وينعكس ذلك على المجتمعات؛ لتحقيق السلام الإيجابي، لكن ما هي هذه العناصر؟ وما اشكالها؟ وكيف من الممكن ان تؤثر على الفرد سلبياً او إيجابياً؟ الحرية هي من العناصر التي تحقق السلام الإيجابي، لكن حتى نصل إليها لابد من المرور بعدة مراحل أو تجارب إن صح التعبير! للسلام الإيجابي أثار تنعكس على الفرد والمجتمع.

أثر السلام الإيجابي على الفرد

من الممكن أن يؤثر السلام على الفرد بطريقة سلبية، وتجعلك تقبل على قرارات أو ربما أفعال لا إرادية تؤثر على شخصك أو من حولك أيضاً. قد عرف البعض أن السلام السلبي هو غياب الحروب والنزاع، وهذا لا يعني أن السلام في هذه الحالة منتِج. لكن، السلام الإيجابي تأثيره في الغالب يكون بطريقة بناءة، وبشكل أو بآخر تستطيع أن تستخدم الخواص والقواعد التي لديك وتطويرها. يؤثر السلام الإيجابي على الفرد من عدة مناحي منها:

  • الإبداع والسلام الإيجابي: الإبداع هو أحدا نتائج السلام الإيجابي، بحيث أن الإنسان من الصعب أن يكون في بيئة مقلقه أو غير مستقرة وأن يستخدم قدراته الكامنة، والسلام الإيجابي يعزز المعرفه.
  • تقبل الآخر: في مرحلة يكون تقبل الآخر واحترامه شيء فعّال عند الفرد، هذه الخواص تعطي دافع وفضول أكبر للمعرفة من الشخص الذي يفتقرها، والمعرفه أيضاً من أهم العوامل التي تعزز الاختلاف والتنوع.
  • السلام الإيجابي يحد من الكراهية: أحد أسباب الكراهية هي عدم توافق الرغبات والأهداف بين الفرد والآخر، والتعصب الفكري أو الديني، وكما ذكرت سابقاً فإن الحرية هي طريق حقيقي للسلام الايجابي. وأيضًا من الممكن أن تكون أثر أو نتيجة في نفس الوقت، حيث أن الوصول إلى السلام الإيجابي يتطلب مبادئ وقوانين تدعم الحريات الفردية والتنوع، وهذا يعزز السلام والحب، وشغف الانتماء للنفس الإنسانية إن صح التعبير.
  • قوة عقل الإنسان: إن عقل الانسان يحتوي على قوة لا نهائية، وتظهر خواص العقل عند شعور الفرد بالسلم الداخلي، وعدم المرور بأزمات وضغوط نفسية أو حروب، لأن هذا يجعله كائن لا يفكر سوى بالخوف والضعف ويقلل من قدراته العقلية.

 

أثر السلام الإيجابي على المجتمع

الأثر الذي يحصل على المجتمع يكون بناء على التأثير الذي يحصل للفرد نفسه، بحيث أن الفرد هو من يصنع التأثير. لأن السلام هو الشيء الوحيد الذي ينهي النزاعات بين الدول وبين الشعوب، لقد لجئ الشعوب إلى عقد اتفاقيات سلام لحل هذه النزاعات والحروب، وعندما نصل إلى السلام نجد أن هناك بيئة صالحه للاستثمار والإزدهار والنمو، فإن الأمان والاستقرار هم النتيجة الوحيدة للسلام الإيجابي على المجتمع.

الاقتصاد والسلام والنمو والتقدم يحدث نتيجة للسلام الإيجابي، والإقتصاد قائم على السلام الإيجابي والتشارك المحلي والدولي. في خلال النصف الثاني من القرن الماضي، بدأ العالم يمر في أزمة نتيجة سياسة الدول الكبرى (الجزرة والكرباج) هذا ما سماه آدم سميث الذي اشار ان الدول الليبرالية الكبرى التي تسعى إلى تجويع الدول الصغرى، وكان هدفها تحقيق اكبر عدد من المكاسب بغض النظر عما يلحق الفقراء من جوع في العالم. إن اهتمام الدول الكبرى بالحروب وإهمال التنمية وسد أفواه الجياع كل هذا من اسباب الموجبة لتدهور السوق العالمية. لكن كيف من الممكن للقرن ٢١ أن ينعم بالسلام في ظل أوضاع معيشية صعبة! أوضاع لا تتلاءم مع السلام، وكيف للسلام المنشود ان يقوم في مواجهة ثوار الرغيف! الذين يتسألون هل يمكن أن يتماشى السلام مع الجوع؟!

للأسف لا أستطيع اسقاط السلام الإيجابي على الوضع المحلي في الأردن. لكن، يمكنني التنويه عن محاولة البعض ربما الكثير من الشعب والحكومة لمحاولتنا للوصول إلى هذا النوع من السلام، سلام ينعم بالتشارك والمحبة والمضي قدماً، وقد نوه الملك عبدلله الثاني عام ٢٠٠٧ في يوم الشباب ضمن رسالته التي وجهت للشباب في النصف الأخير من الرسالة على” الوعي والتنوع وتقبل واحترام الآخر ورفض الانغلاق”.

قرار إيجابي ومجتمع إيجابي، في البداية أود أن أنوه على بعض الأسئلة تجوب في مخيلتي. هل هنالك عوامل تؤثر على الفرد سلبياً او إيجابياً في اتخاذ القرار؟ هل هذه العوامل التي تؤثر على الفرد هي من صنع الفرد نفسه أم من صنع البيئة المحيطة؟ اين سوف يقع العائق في حال كان التأثير سلبياً؟ وكيف يمكن أن يكون الحل؟ إن وجد!حتى أستطيع تصور أثر السلام الإيجابي في حياتنا اليومية يجب أن أتصور أيضاً أثر العوامل والمسببات التي تجعل الإنسان كائن لا يفكر سوى بالخوف والقلق. وسوف أنوه أيضاً أكثر عن الأسباب التي تؤثر بشكل سلبي. يمكن أن تكون وجدت من الفرد نفسه وممكن أن تكون من البيئة المحيطة. يجب التعامل معها على أنها مكملات الحياة. من وجهة نظري، أنا لا اقول أن نستسلم للعوائق أو نقول أن العوائق هي شيء جميل. بمعنى آخر، إن وجد الخير فلابد من وجود الشر وإن وجدت الميسرات أو مسلمات الحياة فلابد من وجود العوائق. في كلا الحالتين إن كانت من البيئة المحيطة أو من الشخص نفسة فعليك أن تتعامل معها على أنها مكمل للحياة.

لا أستطيع أن اجزم أين يقع العائق لأنني أنظر من جميع الجهات، لكن ربما استطيع أن اقول أن للفرد مسؤولية كبيرة في اتخاذ القرار، لذلك أنت الذي في إمكانك أن تصنع السلام لك ومن حولك! لكن ماذا عن أثر السلام الإيجابي؟ ماذا لو كنا في بيئة وفي مرحلة أستطيع أن أقول أنها متكاملة خالية من السلام السلبي؟. عندما نصل إلى هذه المرحلة يصبح “السلام الإيجابي” مصطلح غير موجود، أي أن السلام السلبي زال! من الممكن ان نطلق مسمى آخر، ممكن أن نكون في مرحلة متطورة.

أريد أن أذكركم ان هذه هي مجرد تخيلات وتوقعات من منظوري الشخصي، ربما من الممكن أن المصطلح لن يتغير لكن العناصر هي التي ستتغير! فعناصر السلام الإيجابي سوف تتطور إلى مرحلة اعلى، وفي حالة تتم تطوير العناصر، بشكل او بآخر الاهداف سوف تتغير، سوف نصل الى مرحلة ما بعد السلام، ربما تكون إشباع الرغبات الحيوانية، لا أستطيع الجزم ماهية الأهداف لكن حتما سوف تكون ممتعة. في النهاية أود أن اذكركم في أهميه التجارب في الحياة اليومية، كل شيء يمكن أن تستخلص منه فكرة أو حكمة، “اغذي ذاتي من ذاتي والاخرون يتغذون من ذاتي”، نعم أن تقبل الآخر والتشاركية والفضول والإطلاع والتجربة، والكثير من المصطلحات التي من خلالها يتم تغذية العقل والذات. أنتم الآخرون بالنسبة لي، وبالنسبة لكم نحن الآخرون، منكم وإليكم…

أمير مراد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *