رسائل الحب والحرب

رسائل الحب والحرب

عزيزي صاحب الظل الطويل أفتقد رسائلك الجميلة، أعلم انك حائر في متاهات هذه الدنيا وتحاول جاهداً العيش بسلام وطمأنينة. لكن الحياة ليست سهلة والحظ ليس أهلاً للثقة لذلك عليك أن تكون قوياً كفايةً لتعيش. القوة التي تجعلك دائم البحث عن السعادة مهما حصل من منغصات. أعلم أنك لأول مرة تشعُرُ أن حزنك أكبر من أوراقك. أيّاً كان حجم الجرح وشدة البرد، كل الظروف المحيطة بالإنسان لا يجب أن توقفه عن رحلته. ليس خطأً إن أخذت استراحة في إحدى محاطات الإنتظار لكن لا تستلم أبدا ليس هناك أي قطار فائت. كل ما فاتك لم يكن لك لذلك لا تستعجل الأحداث. خذ نفساً عميقاً واختر استئناف رحلتك. لا تتوقف، طارد الأقمار الشاردة حتى تختفي. استخرج الكنوز المدفونة تحت حدّي قوس قُزَح، تظاهر بأن الحياة كلها ليست سوى لعبة عليك أن تلعبها بمهارة وبإنصاف قدر استطاعتك. إن خسرت فأرفع كتفيّك وأضحك وأفعل ذلك إن ربحت أيضًا. العالم يدور مِن حولك، انظر… تمعن… در معه، لا تبقى دائرا حول ظِلك.

يا عزيزي: أتمنى أن تترك لي دائماً فجوةً صغيرةً أمر من خلالها.

لن تهزم، ستصمد بكل قوتك أمام العاصفة. أنا مؤمنة بك، كل ما يحدث الآن معك ليس إلا سحابة صيف وستمر ثق بذلك. أذكر انه في فترةٍ من حياتي مررت بما تمر به الآن وحاولت بمساعدة أصدقائي وعائلتي الخروج من كل تلك لمشاعر السلبية حيث كان أول مقترح لتفريغ طاقتي السلبية تلك هو ممارسة الرياضة واخترت فنون الدفاع عن النفس. من بين عدد قليل من فنون الدفاع عن النفس التي مارستها في حياتي، كان أكثر ماجذبني “الأيكيدو”، وهي كلمة تعني “الفن” (أو طريق السلام) أنشأها الياباني موريهاي يوشيبا (1883-1969).

رياضة الايكيدو هي إحدى أنواع الرياضات اليابانية المعتمدة على المهارات والفنون القتالية المختلفة. تم الإعتراف بها رسميا من قبل الحكومة اليابانية عام 1940. تعمل رياضة الايكيدو على توحيد كل من الطاقة والحياة وتقوم على مبدأ التحام الروح حيث يستطيع الممارسون الدفاع عن نفسهم دون إيذاء الخصم أو إلحاق الضرر به. تعرف رياضة الايكيدو أيضاً على أنها رياضة يتم استخدام قوة العدو فيها ضده دون إلحاق الأذى لأن ذلك في نظرهم أمر سيء وغير مرغوب به. ظهرت ونشأت رياضة الايكيدو بهدف نشر السلام والأمن بين الناس؛ الهدف من هذه الرياضة هو الدفاع عن النفس وليس إلحاق الضرر بالآخرين. تتميز رياضة الايكيدو أيضا بعدم وجود بطولات محلية او عالمية لها والسبب أن مؤسس هذه الرياضة أراد أن يبقيها بعيدة عن المنافسات كي لا تتطور مع الزمن وتستخدم فيها الحركات المؤذية بل أرادها أن تبقى كما هي .

لرياضة الايكيدو مجموعة من الفوائد حيث تعمل على تقوية الشخصية؛

  • تجعل من الفرد أكثر قدرة على مواجهة المواقف الصعبة.
  • تعطي نوع من التوازن النفسي والجسدي.
  • تعطي فكرة عند من يمارسها بأنه لا يجب اللجوء إلى العنف بل التصدي له.
  • تعمل على تنمية العقل وتشغيل الطاقة المخزنة.
  • تعزز الشعور بالهدوء والراحة التامة.

أذكر قضاء ليالٍ بلا نهاية مع رفاقي، أتعلم كيفية القتال بطريقة تجعل طاقة الخصم السلبية بأكملها ترتد مرة أخرى نحوه. ترك يوشيبا، الذي يعرف باسم “السيد العظيم” -من قبل أولئك الذين يمارسون الأيكيدو- الكثير من الممارسات الفلسفية، وقصائد ومحادثات مع التلاميذ؛ فن السلام يبدأ فيكم، اعملوا على إبقائه الى جانبكم، لكل شخص روح يمكنه إثراؤها، وجسد يمكن تدريبه، وطريق لإتباعه. أنتم هنا لتحقيق هذه الأهداف الثلاثة، ومن أجل الوصول إلى ذلك تحتاجون إلى الحفاظ على الهدوء وممارسة الفن في كل شيء تفعلونه. لا أحد منا يحتاج إلى المال أو السلطة أو المنصب لممارسته. في هذه اللحظة بالذات، كل ما يحتاجه هو التدريب.

إن ممارسة الرياضة هي وسيلة مُعترف بها لتعزيز السلام إذ إنها تتغاضى عن الحدود الجغرافية والطبقات الإجتماعية على حدٍ سواء. هي تؤدي أيضاً دوراً بارزاً إذ تعزز التكامل الإجتماعي والتنمية الإقتصادية في مختلف السياقات الجغرافية والثقافية والسياسية. تشكل الرياضة أداة قوية لتوطيد الروابط والشبكات الإجتماعية ولتعزيز المثل العليا للسلام والأخوة والتضامن واللاعنف والتسامح والعدالة. يمكن تسهيل معالجة المشاكل في الحالات التي تعقب الأزمات إذ إن للرياضة قدرة على جمع شمل الشعوب. وفي جهودها لاستخدام الرياضة كمحفز للسلام والتنمية الإجتماعية. دعمت اليونسكو عدة مبادرات في السنوات الماضية وبشكل خاص:

  • الرياضة من أجل السلام في بلدان أمريكا الوسطى – مع انطلاقته في السلفادور، فإن هذا البرنامج يهدف إلى تعزيز التربية البدنية وممارسة الرياضة كوسيلة لمنع العنف والإنحراف وتعاطي المخدرات.
  • الرياضة من أجل السلام في بلدان الجماعة الإقتصادية لدول غرب افريقيا – يهدف هذا المشروع باستخدام الرياضة الى إقامة مزيد من التماسك والتعاون في منطقة غرب أفريقيا.
  • لقاء الأشقاء -وبالنسبة لهذا المشروع، فإن عددا من الدول الأعضاء والجهات المعنية بالتعليم ضموا جهودهم لتعزيز التبادل بين الثقافات وفيما بين الأقاليم بين الأجيال الشابة من خلفيات ثقافية مختلفة. وانظر أيضا لقاء الصداقة الدولية: الرياضة من أجل ثقافة السلام، تسليط الضوء على النتائج، دينارد، سانت مالو، فرنسا، 12-17 تموز/يونيو 2001.
  • DIAMBARS هو مشروع رياضي واجتماعي انطوى عليه إنشاء مدرسة لكرة القدم لتدريب وتثقيف الأطفال في السنغال. وهو مثال واضح على قدرة اليونسكو لتعبئة الشركاء لتحقيق الأهداف التعليمية، وتقديم الخدمات الاستشارية، والتوجيه والإرشاد. وانظر أيضاً موقع: Diambars على الإنترنت.
  • فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز والرياضة – قام برنامج اليونسكو للتربية البدنية والرياضة بإطلاق مشروع رائد في موزامبيق لتعبئة الشباب من خلال الرياضة والتربية البدنية والأنشطة التي تهدف إلى رفع مستوى الوعي بفيروس نقص المناعة البشرية ومرض الإيدز. الهدف من هذا المشروع المخصص للشباب هو زيادة الوعي للعواقب الوخيمة لفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز). إن وجود الحواجز والمحظورات الثقافية في العديد من البلدان لا يسمح للآباء والأجيال الشابة بمناقشة بعض القضايا الصحية. لذلك، فإن هذا المشروع يستخدم الرياضة باعتبارها شكلا من أشكال التوعية الوقائية المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، من خلال توفير مساحة للمعلومات والنقاش حول هذا الوباء وتشجيع حدوث تغيير في جيل الشباب تجاه هذا المرض. انظر أيضا : مشروع PROVIDA” (النسخة الفرنسية فقط)، مابوتو، موزامبيق، 2004″.

عزيزي صاحب الظل الطويل لا مانع أيضاً من محاولة العزف على آلة تحب صوت أنغامها؛ جرب… تعلم. الموسيقى من أرقى طرق التعبير عن الذات، إذا لم تحب العزف ولم يغريك الوتر، ارسم. اخلق لنفسك عالم من الزهر والشجر والبحر… وإن لم تحب رسم الطبيعة؛ ارسمني أنا.

أخيراً كن بخير لأكون.

زين الصبح