شاءت الأقدار ان يهجروا بلدي، والأم تصرخ أين فلذتي كبدي، والأب يواجه جم المتاعب ويسأل البحر أين ولدي. شباب واجهوا البحر بأمواجه، ركبوا قارب الموت التائه، في وسط البحر بمائه وأسماكه وحيتانه، بين الحياة والموت يصارعون داعين الله وراجون أن يصلوا لبلدا مأمون، ملئ البحر بالدموع، لم يجدوا في بلادهم الصوت المسموع، بلد أهين فيها الكريم، وكرم فيها اللئيم، شباب في بلادهم ضائعون، عن العمل هم عاطلون، شهادة عليا اطباء و مهندسون، عن كرامتهم يبحثون، الفقر والحرمان سببان أساسيان، في هجرة الفتيات والفتيان، استيقظ يا وطني. أبنائك بين الحياة والكفن، هل روح الشباب أرخص من ترميم الوثن، شباب انقلبت بهم الجارية، جثث في البحر طافية، جعلوا اجسادهم تذكرة، لتعيها أذنٌ واعية، يا شباب المستقبل لا تهجروا بلادي، وحموا هذا البلد من الطاغية، فوطني الجزائر أغلى الأوطان، فحسبي الله لمن كان سببا في هذا الهجران. كتبتها الطفلة الجزائرية سيرين.
ما هي الهجرة؟
حدثت الهجرة منذ تاريخ البشرية، بدأت بتحركات أو مجموعات بشرية من أصولها في شرق افريقيا إلى مواقعها الحالية المختلفة في العالم، وقد ساعدت على بناء الحضارات والمجتمعات. الهجرة هي مغادرة الفرد من بلد المنشأ (الأصلي) إلى بلد آخر، وعادة ما تكون مختلفة بالثقافة والعادات والتقاليد الاجتماعية، بهدف الاستقرار والبقاء لفترات طويلة قدر المستطاع، قد يجبرون على التأقلم والتكيف والمشاركة ليتمكنوا من العيش في هذا المجتمع الجديد. تحتاج الهجرة إلى الاستعداد النفسي للانتقال والاستقرار في دولة آخرى سواء كانت داخل الحدود السياسية أو خارجها، وتؤثر هذه الهجرة على الانماط والخصائص الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للفرد. قد تكون الهجرة بين القارات من قارة لآخرى، أو حتى داخل القارة نفسها من بلد لبلد، أو قد تكون اقليمية أي داخل البلد نفسها مثال عليها الانتقال من القرى إلى المدن.
هل الهجرة اصبحت ظاهرة؟!
حرية التنقل للفرد تعتبر في الميثاق الأخلاقي هو حق مدني. لكن ينحصر هذا الحق في إطار داخل حدود الدولة. لا يمكن اعتباره الضوء الأخضر للتنقل في أنحاء العالم والإقامة في أي دولة والتجنس لحفظ حق المواطنة. للتنقل هناك شروط وتشريعات وقوانين تتحكم في هذا التنقل. على سبيل المثال في الوقت الراهن ما يتم هو حصر حرية التنقل ولا تسمح أي دولة بحرية التنقل الكامل عبر حدودها. كما أن معاهدات حقوق الإنسان الدولية لا تعطي حقاً عاماً بدخول دولة أخرى. وفقاً للمادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإنه يحظر منع المواطنين من مغادرة بلادهم. ولا يوجد مادة مشابهة بخصوص دخول غير المواطنين إليها.
الهجرة النظامية ظاهرة اجتماعية عالمية، وما أعنيه بالهجرة النظامية هي أن المهاجرون هم أشخاص حصلوا على وضع قانوني سليم يتميز بشكل من أشكال تصريح الإقامة الذي ينظم شروط عملهم أو حتى ينظم إقامتهم سواء كانت للدراسة كبداية أو استكمال المجال العلمي، وإقامتهم من الناحية القانونية تكون سليمة دون أي تلاعب. لكن هناك البعض من المهاجرين منهم العمال الأجانب والمغتربين يسعوا إلى الحصول على جنسية البلد التي يعملون بها وبعضهم يحصل عليها. لكن في حال عدم الحصول على الجنسية أو ما يسمى بالإقامة الدائمة يبدؤون بالتلاعب و التحايل على القانون وهذا ما يترتب عليه عقوبات وملاحقات من الحكومات التي تهدد الفرد بعدم الاستقرار النفسي والاجتماعي. يختلف المهاجرون عن القوى العاملة التي ليس لديها الأوراق اللازمة في أن تلك القوى العاملة ليس وضعها قانوني في البلد التي تعمل به.
من الممكن أن يكون هناك أسباب كثيرة ومعقدة لانعدام الوضع القانوني للإقامة في بلد ما، مثل عدم رغبة أصحاب العمل في هذا الشخص ورفض الدولة منح تصاريح الإقامة لفئات معينة من العمال الأجانب والعنصرية المؤسسية…إلخ. لا يعد كل العمال الذين ليس معهم الأوراق اللازمة، على وجه الدقة، مهاجرين غير شرعيين. ونظرًا للتاريخ المعقد والطويل للهجرات العالمية، فقد كان لدى الكثير من الدول القوية، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وغيرها من الدول أنظمة قانونية جعلت من الممكن العمل في هذه الدول دون موافقة واضحة منها بسبب بعض الثغرات القانونية. ويختلف المهاجرون والعمال غير مستوفي الأوراق اللازمة عن السياح في أن السائحين لا يشتركون في أنشطة تحقق إيرادات في البلاد التي يزورونها، وبذلك ينحصر تأثيرهم الاقتصادي بشكل رئيسي على الاستهلاك والنتائج البيئية. غالبًا ما تتعامل الصحافة والخطابات السياسية مع هجرة العمالة الموسمية على أنها شكل من أشكال الهجرة.
لكن في ظل الحروب الناجمة في الآونة الأخيرة، تسببت في زيادة ظاهرة الهجرة الغير شرعية، الهجرة الغير شرعية (السرية – الغير مشروعة) هي انتقال الأفراد من بلد إلى آخر بشكل غير رسمي و غير نظامي، أي التحايل على قوانين هذه البلد وخرقها، و الدخول لها دون الأوراق الرسمية، و دون تأشيرة دخول. والأماكن المقصودة تكون مثل الدول المتقدمة منها (الولايات المتحدة – دول الاتحاد الاروبي).
الحروب ليست العامل الوحيد الذي يعزز الهجرة الغير الشرعية، لكن هناك عدت عوامل منها (عوامل الجذب – عوامل الطرد). عوامل الجذب هي عوامل محفزة على هجرة توفرها الحكومات في الدول المختلفة للأفراد، مما يسعى الفرد للهجرة لتحقيق غاية من الغايات التي يحلم في تحقيقها و الوصول إليها منها:
- ارتفاع اجور العمال الذي يحقق الزيادة في مستوى الرفاهية للفرد.
- ارتفاع في المستوى المعيشي في هذه الدول الجاذبة.
- وجود خدمات اجتماعية وصحية.
- هناك مساحة للحريات لا تكن متوفرة في الدول الأصلية.
- الصورة الاجتماعية للمهاجرين ما تدل على (النجاح الاجتماعي الذي يظهره المهاجر عند عودته إلى بلده لقضاء العطلة، حيث يتفانى في إبراز مظاهر الغنى: سيارة، هدايا، استثمار في العقار الخ).
- الإعلام المرئي يعلب دور كبير عبر مئات القنوات يزرع في الأفراد الرغبة في الهجرة.
- وعندما أصبحت الهجرة المشروعة مكلفة، و وجدود الرفض المستمر بدل القبول لأسباب مجهولة، ووجود الشروط الصارمة والإجراءات المعقدة، وعمليات النصب والاحتيال اللتي يمارسها بعض المكاتب السياحية لإستغلال أوضاع الأفراد، هذا ما جعل الأفراد يتجهون إلى الطرق البديلة منها الهجرة الغير شرعية، وهذا ما يفسر كيفية إقبال المهاجر الغير الشرعي على أي عمل مهما كان مذلا وصعبا، أو حتى الخضوع لتحمل المصاعب والكوارث للتملص والخروج من البلد الأصلي.
من هنا يمكننا أن نتطرق إلى عوامل الطرد، فعوامل الطرد اشبه بالمنفرات منها:
- الأسباب الاقتصادية، منها انخفاض معدل الأجور -زيادة نسبة البطالة – الحجم المتفاقم للفقر – قلة الفرص- شح الاستثمار في المنطقة -مبدأ التميز العنصري.
- لأسباب السياسية، منها الحروب الخارجية أو الحروب الأهلية -النزاعات العسكرية– الضغوطات السياسيّة.
- لأسباب الدينية، الصراعات الدينية و التمييز بين الفئات دينية -عدم تقبل الأقليات الدينية.
- لأسباب الاجتماعية، الصراعات العرقية والطبقية -الضغوطات النفسية والمجتمعية- عدم تحقيق مبدأ العدالة -تجريد الأفراد من حقوقهم في الميثاق الأخلاقي مبدأ حقوق الأنسان يكون ملف مهجور في درج مكتب أصحاب السيادة.
- لأسباب الجغرافية، منها الكوارث البيئيّة والطبيعية -الحدود السياسية.
نظراً لطبيعة هذه الظاهرة يوجد صعوبة في حصر حجمها، فهناك تفسيرات تبرر صعوبة الحصر لكون وضع المهاجر السري يشمل أصنافا متباينة من المهاجرين فمنهم :
- الأشخاص الذين يدخلون بطريقة غير قانونية إلى دول الاستقبال ولا يسوون وضعهم القانوني.
- لأشخاص الذين يدخلون دول الاستقبال بطريقة قانونية ويمكثون هناك بعد انقضاء مدة الإقامة القانونية.
- لأشخاص الذين يشتغلون بطريقة غير قانونية خلال إقامة مسموح بها.
- لأشخاص الذين يشغلون منصبا دون المنصوص عليه في عقد العمل.
رزان الظاهر