المُهِمُّ نِعمَةُ الأَمْنِِ والأَمانْ

المُهِمُّ نِعمَةُ الأَمْنِِ والأَمانْ

إذا هَتَفْنا بِصَوتِنا عالِيًا نَشْتَكي مِنْ شِدَّةِ الغَلاءِ المَعيشِيِّ سَيَقولُ البَعضْ: “اسكُتْ أَهَم شي نِعمةُ الأمْنِ والأَمان”. وإِذا صَرَخْنا بِوَجْهِ جَلَّادِنا آكِلِ كَدِّنا وتَعَبِنا فَسَيَقولُ البَعضْ: “وَلَكْ يا عَمِّي مافي بَعدْ نِعمَة الأَمْنِ والأَمان”. لا بَلْ إِذا تَبادَلنا أَطرافَ الحَديثِ عَن الفَسادِ والنَّهْبِ والمَحسوبِيَّةِ والبَطالَةِ وعُزوفِ الشَّبابِ سَيُرَدِّدُ البَعْضُ بِصَوتٍ مُتَخاذِلْ: أَهمُّ شي نِعْمَةُ الأَمنِ والأَمان. حَتَّى إِذا اخْتَلَيْتَ بِنَفْسِكَ وتَراوَدَ إِلى ذِهْنِكَ حَجْمُ الأَوجاعِ مِنْ فَقْرٍ يَهتِكُ بِأَهْلِكَ وأَصْدِقاءِكَ وجيرانِكَ ومُحيطِ عَمَلِكْ، فَقْرٌ يَهْتِكُ بِإِخْوَتِكَ مِنْ بَني البَشَرِ القاطِنينَ في هذا البَلَدِ أو فَكَّرْتَ لِبِضْعِ ثَوانٍ بِإدمانِ المُخَدَّراتِ الذي يَسْري بِدِماءِ الشَّبابِ كَالسَّرَطانِ لِيَفْتِكَ بِهِمْ أَو الجَرائِمِ التي تَدُقُّ أَبْوابَ بَلَدِنا، سَيُرَدِّدُ الشَّيطانُ في رَأسِكَ لِيَقولَ لَكَ لا قَبْلَ ولا بَعْدَ نِعْمَةِ الأَمْنِ والأَمان!

لكِنْ يا مَنْ تُنادي بِهذِهِ النِّعْمَة، يا مَنْ تَشْعُرُ بِأنَّكَ عَديمُ الاستِحقاقِ مِنْ كُلِّ شَيءٍ إِلَّا أَنْ تَجْلِسَ في بَيْتٍ لا تَهُدُّهُ قَذيفَةُ حَرْب، أَلا يُقابِلُ دَمارَ البُنى التَحتِيَّةِ والاقتِصادِيَّةِ جَرَّاءَ الحَرْبِ طُرُقاتٌ مُتَهالِكَةٌ وحَوادِثٌ مُميتَةٌ وجُسورٌ مُتَآكِلة؟ ومَعَ هذا لا تُحَرِّكُ الحُكومَةُ ساكِناً لإِصلاحِها. أَوَلَيسَ نُزوحُ اللَّاجِئينَ والفُقراءَ مِنَ البِلادِ المَنْكوبَةِ بَحثاً عَنِ الأَمانِ يُقابِلُهُ هِجْرَةُ العاطِلينَ عَنِ العَمَلِ الحالِمينَ بِحَياةٍ كَريمَةٍ لَهُمْ ولِأَبْناءِهِم؟ التَّغَيُّرُ الذي يَحْدُثُ في البُنْيَةِ الاجتِماعِيَّةِ داخِلَ الدُّوَلِ التي تُعاني مِنَ الحُروبِ كَظُهورِ طَبَقَةٍ جَديدَةٍ مِنْ تُجَّارِ الفُرَصِ وأَثرِياءِ الحَرْبِ مِمَّنْ يَجْمَعونَ ثَرَواتِهِمْ على حِسابِ غَيْرِهِمْ مِنَ المُواطِنين بِاللُّجوءِ إِلى أَساليبِ الاحتِكارِ والتَّلاعُبِ بِالأَسْعارِ بِمُخْتَلِفِ أَساليبِ الغِشّ، يُقابِلُهُ هؤُلاءِ المُتَسَلِّقينَ على ظُهورِ الطَّبَقَةِ العامِلَةِ والفاسِدينَ ناهِبي الثَّرواتِ المُرتَشينَ اللَّاهثي وَراءَ الكَراسي الرِّئاسِيَّة. كَما أَنَّ ارتِفاعَ نِسْبَةِ البَطالَةِ بِسَبَبِ تَوَقُّفِ بَعْضِ المَشاريعِ الصِّناعِيَّةِ أَو المَعامِلِ عَنِ الإِنْتاجِ نَتيجَةَ الاشْتِباكاتِ أَو نَتيجَةً للدَّمارِ أَو التَّخريبِ أَو الأَعْطالِ التي تُصيبُ المَرافِقَ الحُكومِيَّةَ يُوازي المَحسوبِيَّةَ وفيتامين واو (الواسِطَة) التي تُعَدُّ بَوَّابَةَ الدُّخولِ إِلى سوقِ العَمَلِ وتَحولُ دونَ حُصولِ العَديدِ مِنَ المُواطِنينَ على الوَظيفَةِ التي تَليقُ بِهِم.

لَقَدْ أَصْبَحَتْ نِعْمَةُ الأَمْنِ والأَمانِ أَدَاةَ الأَنْظِمَةِ القَمْعِيَّة؛ فَكُلُّ خِدْمَةٍ تُقَدِّمُها هذِهِ الدُّوَلُ لِلمُواطِنِ تَسْبِقُها كَلِمَةُ الأمْنِ لِتُوحِيَ لَهُ بِأَنَّها تُحافِظُ على الوَطَنِ وكَأَنَّما الشَّعْبُ والمُواطِنُ مَفْصولانِ عَنْ بَعْضِهِما البَعْض، وكَأَنَّ الشَّعْبَ لا نَصيبَ لَهُ بِأَرْضِ الوَطَنْ، بَلْ وكَأَنَّ كَرامَةَ المُواطِنِ وَكُلّ تِلْكَ التَّحَدِّياتِ التي يُواجِهُها تَهونُ مِنْ أَجْلِ الوَطَنْ! أَيُّ وَطَنٍ هذا أَقْبَعُ في القَاعِ بِداخِلِه؟! أَيُّ وَطَنٍ هذا أُوْلَدُ وأَموتُ فيهِ وأَنا مَعدومُ الحال؟! أَيُّ وَطَنٍ هذا يُصْبِحُ فيهِ الأَمْنُ أَهَمُّ مِنَ الطَّعامِ والشَّراب؟! حَسَناً، أَيْنَ الأَمانُ إِذا مَرِضْتُ ولَمْ أَسْتَطِعْ سَبيلاً لِطَرْقِ مَداخِلِ المَشافي الخاصَّة؟! أَيْنَ الأَمانُ عِنْدما تَسْتَقْبِلُني المَشافي الحُكومِيَّةُ كَفَأْرِ تَجارِب، رُبَّما أَخْرُجُ مِنْها حَيَّاً ورُبَّما مَيْتاً؟! أَيْنَ الأَمانُ عِنْدَما يَتَرَبَّعُ البَعْضُ على المَلايينِ بَيْنَما يُحارِبُ الآخَرونَ مِنْ أَجْلِ رَغيفِ الخُبْز؟! أَيْنَ الأَمانُ عِنْدَما تَنْتَشِرُ ظاهِرَةُ الانْفِلاتِ الأَخْلاقِيِّ في الشَّوارِعِ وتَرْتَفِعُ مُعَدَّلاتُ التَّحَرُّشِ الجِنْسِيِّ والسَّرِقاتِ والجَرائِمِ والطَّلاق؟! أَيْنَ الأَمانُ عِنْدَما تَغيبُ العَدالَةُ الاجْتِماعِيَّةُ عَنِ المَشْهَد؟! كَيفَ يُصْبِحُ لِلأَمْنِ والأَمانِ صَرْفاً وإِعراباً عِنْدما يَتِمُّ تَجْييرُ مُؤَسَّساتِ الدَّولَةِ لِمَصْلَحَةِ النِّظام، وعِنْدَما يَكونُ المُواطِنُ ومُؤَسَّساتُ الدَّولَةِ في خِدْمَةِ السُّلْطَةِ وأَصْحابِها وتَأمينِ امْتِيازاتِهِم؟! كَيْفَ يَغْدو الأَمْنُ والأَمانُ شِعارًا يُتَداوَلُ في أَنْظِمَةٍ زَبائِنِيَّةٍ تَشْتَري بِها السُّلْطَةُ وأَصْحابُ القُوى والنُّفوذِ ذِمَمَ النَّاسِ مُقابِلَ الخِدْماتِ الاجتِماعِيَّة، وتُقَدِّمُ الامتِيازاتِ مُقابِلَ الوَلاء؟ 

عِنْدما يَتِمُّ الحُصولُ عَلى المُوافَقَةِ لِمَشروعٍ ما بَعْدَ تَقديمِ طَبَقٍ مِنَ الرَّشْوَةِ الثَّقيلَة، كَيْفَ لَنا الحَديثَ عَنِ الأَمْنِ في ظِلِّ حُكوماتٍ زَبائِنِيَّةٍ خانِعَةٍ تُسَهِّلُ استِثْماراتِ العَدُوِّالمُسْتَعْمِرِ وتَغْرَقُ في المِلياراتِ التي يُقَدِّمُها في سَبيلِ الحُصولِ على تَأييدٍ ومَوقِفٍ سِياسِيٍّ يَخْدِمُ مَصالِحَه؟! إِنَّ الفَرْدَ هُوَ جَوهَرُ الأَمْنِ الإِنْسانِيِّ الذي يَتَضَمَّنُ بِأَوسَعِ مَعانِيهِ ما هُوَ أَكثَرُ بِمراحِلٍ مَن انعِدامِ الصِّراعاتِ العَنيفَة؛ بَلْ أَنَّهُ الصُّورَةُ الحَقيقِيَّةُ لِحُقوقِ الإِنْسانِ وهُوَ رَكيزَةُ الدَّولَةِ الدِّيموقْراطِيَّةِ الحَديثَة، التي تَتَبَنَّى شَرْعِيَّةَ المُواطِنِ وسِيادَتَهُ على المَوقِفِ والحُكْم. إَنَّ أَهَمَّ أَشْكالِ الأَمْنِ ونَماذِجِهِ هِيَ الأَمْنُ الاقْتِصادِيُّ الذي يَحْمي الأَفرادَ مِنَ الوُصولِ إِلى مُسْتَوى الفَقْرِ وضَمانِ شُعورِهِ بِالطُّمَأنِينَةِ دونَ الحاجَةِ لِلقَلَقِ اتَّجاهَ احتِياجاتِهِ المادِيَّةِ مِنْ خِلالِ تَوْفيرِ فُرَصِ عَمَلٍ مُناسِبَةٍ وأُجورٍ مُرْتَفِعَة. والأَمْنُ الغِذائِيُّ الذي يَتَحَقَّقُ عِنْدَما يَتَمَتَّعُ البَشَرُ كافَّةً في جَميعِ الأَوقاتِ في كُلٍّ مِنَ النَّواحي الاقْتِصادِيَّةِ و الاجْتِماعِيَّةِ بِأَغْذِيَةٍ سَليمَةٍ ومُغَذِّيَةٍ كافِيَةٍ لِتَلْبِيَةِ الاحْتياجاتِ وتُناسِبُ أَذْواقَهُم الغِذائِيَّةَ كَيْ يَعيشوا حَياةً يَمْلَؤُها النَّشاطُ والصِّحة. والأَمْنُ الصِّحِّيُّ الذي يَتَمَثَّلُ بِحِمايَةِ ووِقايَةِ النَّاسِ مِنَ الأَمراضِ ومِنْ أُسلوبِ عَيْشٍ غَيْرِ صِحَّيّ، ويَرْتَكِزُ على تَقْليلِ التَّهْديداتِ الصِّحِّيَّةِ لِلفَرْدِ والمَجْموعَةِ كَالأَمْراضِ المُعْدِيَةِ والأَوبِئَة، بِالإِضافَةِ إِلى تَأمينِ كَوادِرٍ صِحِّيَّةٍ وطِبِّيَّةٍ كَفُؤَة، وضَمانِ جَودَةِ الأَدْويَةِ وتَوفيرِ نِظامٍ صِحِّيٍّ ذا بُعْدٍ اجتِماعِيِّ لِمُساعَدَةِ الطَّبَقاتِ الفَقيرَة، والاهتِمامِ بِالمَريضِ بِالشَّكلِ المُناسِبِ الذي يَليقُ بِكَرامَتِهِ دونَما تَيئِيسِهِ بِغَرَضِ قَذْفِهِ نَحْوَ القِطاعِ الخاص.

الأَمْنُ البيئِيُّ الذي تَنْعَكِسُ فيهِ القُدْرَةُ على مُقاوَمَةِ نُدْرَةِ الثَّرواتِ البيئِيَّةِ ويَتِمُّ بِهِ حِمايَةُ الطَّبيعَةِ والبيئَةِ والاستِغْلالِ الرَّشيدِ لِلموارِد. كذلِكَ الأَمنُ الفِكْرِيِّ الذي يُعْنى بِتَحقيقِ الطُّمَأنينَةِ عَلى سَلامَةِ الفِكْرِ والاعْتِقادِ وعَدَمِ انْجِرافِهِ في طَريقِ الانْحِرافِ الذي يُؤَدِّي إِلى تَهْديدِ الأَمْنِ القَومِيّ، أَيْضاً يَضْمَنُ الأَمْنُ الفِكْرِيُّ عَيْشَ الإِنْسانِ في وَطَنِهِ ومُجْتَمَعِهِ وهُوَ آمِنٌ على مَنْظومَتِهِ الفِكْرِيَّةِ وثَقافَتِه. الأَمْنُ السِّياسِيُّ الذي تَتَساوى فِيهِ الحُقوقُ مَعَ الواجِباتِ وتَتِمُّ مِنْ خِلالِهِ المُشارَكَةُ في الأَحداثِ السِّياسِيَّةِ والحَقِّ في الحُصولِ على مَعلوماتٍ عَنْ سِيادَةِ الدَّولَةِ وحُرِّيَّةِ التَّعْبيرِ عَن الرَّأيِ دُونَ التَّعَرُّضِ لِلقَمْعِ والأَذى بِحُجَّةِ تَحْقيقِ الأَمْن، والذي غَالِباً ما يَحْدُثُ في الأنْظِمَةِ القَمْعِيَّة. الأَمْنُ الرَّقْمِيُّ الذي يَمْنَعُ الآخَرينَ مِنَ الاطِّلاِع عَلى المَعلوماتِ الشَّخْصِيَّةِ لِمُسْتَخدِمي الانتَرنِت ورَصْدِ تَحَرُّكاتِهِم والوُصولِ إِلى بَياناتِهِم المُخَزَّنَةِ إِلِكترونِيًّا أو اتِّصالاتِهِم والعَبَثِ بِها أو التَّشويشِ على أَجْهِزَتِهِم الإلِكْترونِيَّةِ أو بَرامِجِهِم. إِنَّ الأَمْنَ الإِنْسانِيَّ هُوَ الزُّبْدَةُ والخُلاصَةُ مِنَ الاتِّفاقِيَّاتِ الدَّولِيَّةِ لِحقوقِ الإِنْسانِ ومبادِئِ العَدالَةِ الاجتِماعِيَّةِ والسَّلام، والذي بِإحْقاقِهِ تَتَحَقَّقُ الكَرامَةُ الإِنْسانِيَّة، وبِالوُصولِ إِلَيهِ تَصِلُ الدُّوَلُ إِلى أَمْنِها القَومِيِّ والوَطَنِيِّ وتُسَطِّرُ مِنْ خِلالِهِ وجودَها التَّاريخِيّ والحَضارِيَ.

الأَمْنُ الإنْسانِيُّ يُعَدُّ بِمثابَةِ كَفالَةٍ لِحَقِّ العَدْلِ والتَّعبيرِ والتَّنْظيمِ والتَّعليمِ والصِّحَّةِ والغِنى والغِذاءِ والمَأوى والعَمَلِ والاسْتِقرارِ والأَمْنِ العامِّ والسَّكينَةِ والأَخْلاِق والدِّين، كَما أّنَّ الأَمْنَ يُشَكِّلُ جُزءً هامّاً في حَياةِ الإِنْسانِ سَواءً كانَ عَلى مُسْتوى الفَرْدِ أَم عَلى مُسْتَوى الدَّولَة، وأَوْلَوِيَّةً أَساسِيَّةً لِتَرسيخِ دَعائِمِ الاسْتِقْرارِ والتَّطَوُّر، وهُوَ حاجَةٌ فِطْرِيَّةٌ لا تَسْتَقيمُ الحَياةُ بِدونِهِ ولا تَتَحَقَّقُ الغايَةُ الإلهِيَّةُ مِنَ العَمَلِ والعِبادَةِ دونَما الشُّعورِ بِالأَمْنِ والأَمان، ولا تَزْدَهِرُ الدُّوَلُ ولا تَتَقَدَّمُ وتَنْمو دونَ الوُصولِ إِلى الطُّمأنينَةِ والسَّكينَة. إِنَّ الأَمْنَ الإِنسانِيَّ مَرهونٌ بِالعَدْلِ والحُرِّيَّة، ولا تَأمَنُ أُمَّةٌ يَسودُها الظُّلْمُ والطُّغيانُ والأَحقادُ والكَراهِيَّة، ولا تَنْجو أُمَّةٌ قابِعَةٌ في بُركانِ الصِّراعاتِ والنِّزاعاتِ والثَّورات، ولا تَتَحَقَّقُ سَعادَةُ البَشَرِ عِنْدَما تُسْلَبُ إِرادَتُهُم وحُرِّيَّاتُهُم وتُسْرَقُ أَحلامُهُم وأَمانيهِم وتُهدَرُ دِماؤُهم وأجْسادُهم، ولا هَيْبَةٌ لِنِظامٍ يَقْمَعُ أَفرادَهُ ويَحْرِمُهُم مِنْ لِذَّةِ التَّمَتُّعِ بِحُقوقِهم، لا كَيْنونَةٌ لِدَولَةٍ تَمِنُّ على شَعْبِها بِأَبْسَطِ احتِياجاتِهِم، تَسْتَعْبِدُهُ وتُجَيِّرُ سَواعِدَهُ لِخِدْمَةِ مَصالِحِها وتَصْعَدُ على أكْتافِه، ولا شَرَفٌ لِدَولَةٍ لا تُؤْمِنُ بِالعَدالَةِ والسَّلامِ على أَراضيها.

 

نَجْوى أَبو زَهْرَة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *