تحري واستقصاء

تحري واستقصاء

تعتبر الصحافة الاستقصائية من أهم وأقوى جوانب العمل الصحفي قوة وتأثيرا في الرأي العام ويمتاز الصحفيون العاملون في مجالها بمواصفات لاتتوفر لدى نظرائهم من الصحفيين الأخرين كونها تحتاج إلى عقلية بارعة في البحث والتحري عن المعلومات والحقائق المتعلقة بقضايا تهم الشأن العام وحاول القائمون عليها إخفاء معلوماتها او تضلليها. هنا يأتي دور الصحفي الإستقصائي في كشف المستور وتقديمه للرأي العام مدعوما بالأدلة والوثائق التي تثبت صحة فرضيته لذلك يعتبر أشهر الصحفيون في العالم هم الصحفيون الإستقصائيون وهم الأكثر طلبا في المؤسسات الإعلامية.

ما زال على الصحافيين القيام بالتنقيب الشاق والمراسلات من الشارع، وكسب المصادر والتمسّك بالقصص حتى يصبح لها معنى. يجب أن يتحلّوا بالشجاعة لمقاومة الضغوط القوية التي تدفعهم إلى الاستسلام، حتى عندما يبدو أنها لا تُحتمَل. ولكن ليكون المرء صحافياً استقصائياً ناجحاً في عالم اليوم؛ وليكون قادراً على التكيّف مع التحديات التي تفرضها النزعات العالمية والمتطورة في مجال الجريمة، والفساد والقضاء على البيئة، من بين شرور أخرى، فإنه من الضروري ضبط الفلسفة القديمة ضبطاً دقيقاً مع ثلاث من الممارسات الجديدة: الانفتاح، والتحلّي بالمنهجية والحفاظ على السلامة.

يعني “الانفتاح” أن ينظر الصحافي أبعد من حدود بلاده. وفي حين أنه يصح أن معظم الأشخاص يفضلون القصص المحلية، إلّا أن العثور على روابط للعالم الخارجي قد يجعلها أفضل، حيث إنه يمكن التحقق من الوقائع ومعاكستها بشكل واسع. لذا، إذا عثرت إحدى المراسلات على شركة تلوّث أحد الأنهر في بلدها، فبإمكانها اللجوء إلى موارد دولية، مثل لوحة التحكم في مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد أو إلى قسم مراقبة الشركات في مكتب الصحافة الاستقصائية. قد تكتشف أن هذه الشركة بذاتها تملكها مجموعة صناعية تضطلع بممارسات بيئية متعسّفة في مكان آخر. قد تكون إحدى القصص أحياناً شديدة الخطورة أو التعقيد ليغطيها مراسل واحد بمفرده. لذا فإن “الانفتاح” يعني أيضاً التعاون وأحياناً حتى مع وسائل الإعلام المنافسة. علاوةً على ذلك، فإنه يستدعي حاجة المراسلين الاستقصائيين إلى العمل مع خبراء من مهن أخرى.

يستلزم أن يكون الصحافي “منهجياً” إتقان استخدام الأدوات والبرامج لكشط البيانات وتنظيفها؛ ولتنظيمها والنظر إليها حتى تحكي الأرقام القصة. هناك جانب آخر لممارسة الصحافة الاستقصائية المنهجية، وهو يعني البحث عن المعلومات بطريقة كفؤة، من خلال الوصول إلى قالب لمواصلة طلب المعلومات العامة وحتى دعوة قرائك إلى استخدامه،وأيضا تشجع الجمهورعلى مساعدتك من أجل إتمام تحقيقاتك بالبيانات، والمستندات والصور. يجب على الصحافي الاستقصائي تضمين السلامة ضمن روتينه اليومي مثل السلامة: الجسدية، والقانونية والرقمية، يُعتبَر السهر على نفسك، وبياناتك ومواردك في البيئة الرقمية أمراً إلزامياً كما أن هناك أدوات عديدة سهلة الاستخدام ودورات توجيهية قادرة على توجيه الصحافيين. ولن ننسى أن الصحفي الناجح عليه الحذر من المواد التي تمتاز بالعبقرية التي موضوعة في متناول اليد، والحصول على معلومات دقيقة.

كيفية التعامل مع الأدله الخاصة والمصادر غير المعلنة والمراوغات أو التسريبات والحقائق غير الكاملة. تقوم الخطوة الأولى في أي تحقيق على وضع الأساس عبر البحث في الموضوع. أنت بحاجة الى التحدث إلى أكبر عدد من الناس والخروج بأكبر قدر ممكن من التفاصيل. انه عمل شاق، وهادر للوقت، ويتطلب الكثير من المصادر، لكنها الطريقة الوحيدة للحصول على القصة وللخروج بوجهات نظر مختلفة. يجب أن يتميز الصحفي المتقصي بالسرية والحياد:

  • السرية: تعني ألا تخبر الآخرين بهوية مصادرك. عليك ان تتحدث الى الاشخاص دون الكشف عن هويتهم، ذلك أنه إذا كشفت هويتهم للاخرين، يصبح الكلام علنياً. من المهم جداً أن تحتفظ بنسخ مدونة بما قيل وأن تتأكد من انك حصلت على عناوين البريد الالكتروني وعناوين منزلية وأرقام هاتفية للمصادر المهمة.
  • الحياد: عدم تدخل الصحفيين بتوجيه سير الأحداث، أو الانتصار لطرف على حساب الأطراف الأخرى بدون مبرر واضح ومعقول.

معايير التقييم الكفاءة المهنية لصاحب العمل وذلك:

  • من خلال احترام أخلاقيات المهنة.
  • استراتيجيات البحث عن المعلومات.
  • أهمية وأصالة الموضوع المعني.
  • فائدة الموضوع المعني وإمكانية استغلاله.
  • دليل على الصعوبات التي واجهها صاحب العمل والتحقق من مصادر المعلومات المختلفة للتأكد من صحتها.
  • أسلوب التحرير (محدد وحيوي ومتاح للجميع).

هناك العديد من الأماكن يقومون بعمل دورة تدريبية لتعلم االصحافة الاستقصائية، تهدف الدورة إلى:

  1. تزويد المتدربين بأسس ومهارات البحث والتحري الإستقصائي للمعلومات.
  2. التدريب على كيفية بناء التحقيقات الإستقصائية وفرضياتها.
  3. تعميق فهم المتدربين من كون الصحافة الإستقصائية تساهم في عملية التنيمة المستدامة للمجتمعات.
  4. التدريب على أهم وسائل التكنلوجيا التي تخدم الصحافة وكيفية الإستفادة منها.

الجمهور المستهدف من هذه الدورات:

  • طلبة كليات الإعلام والصحافة
  • الصحفيون الراغبون بتطوير مهاراتهم.
  • النشطاء الإعلاميين.
  • العاملون في قطاع الصحافة والإعلام بمختلف أقسامها.
  • الناشطون الحقوقيون الذين يعملون على توثيق المعلومات.

تأخر نشوء الصحافة الاستقصائية في الدول العربية لأنه لا يمكن أن تنشأ إلا في ظل قدر كافٍ من الديمقراطية التي توفر الحماية للصحافة والصحفيين. فيما يلي أوجه نظر حول الصحافة الاستقصائية في العالم العربي:

  • الصحافة الاستقصائية اليوم ضرورة من ضرورات المجتمع الانساني درءا لكل انواع الجرائم التي يمكن ان تُمارس ضد الانسان في الخفاء. هي ضرورية التواجد في الوطن العربي لكثرة ما يحاك حوله من كيد وكوارث وما ينسج ضده من مؤامرات ويدبر عليه من حروب وسلب ونهب خيرات شرط ان تكون هذه الصحافة لنا وليست علينا.
  • ظهرت الصحافة الاستقصائية مع بداية تطور مفهوم الصحافة بشكل عام ودورها في المجتمع من اجل التركيز والتحري عن قضايا معينة ومهمة تحدث في المجتمعات خاصة جوانب الانحراف بكافة اشكاله والفساد ونتيجة لذلك سمي محرروها بالمنقبين عن المشاكل الخاصة والمهمة.
  • يبدو ان الصحافة الاستقصائية تملك قدرة لا تضاهى على ربط مسؤولين بجرائم معينة لكنها قد تخلق ايضا احساسا خطأ لدى الناس بأن هناك دوما تصرفات خطأ، انها سيف ذو حدين نشر التقارير حول التصرفات الخطأ يوجه انتباه الناس الى جرائم مفترضة. ذلك قد يقود أيضا إلى صدور أحكام متسرعة حول مسؤولية المعنيين من دون اللجوء الى ثوابت معينة بل لربما لاغراض شخصية معينة مبنية على الحقد والكراهية أو من أجل مصلحة خاصة أو معينة الغاية منها التشهير بالاخرين وهنا تكون المسؤولية الاخلاقية مهمة للغاية. يمكن أن يؤدي إلى نشر الصحف لاتهامات غير مدعومة بادلة دامغة إلى نتائج مدمرة لسمعة افراد ومؤسسات ومن هنا يمكن القول ان الصحافة الاستقصائية العربية مبنية على التشهير من دون الرجوع غلى الثوابت والأدلة الدامغة. من خلال عدم وجود مواد قانونية بحتة تخص هذه الصحافة ولكن يمكن في المستقبل القريب أن تكون الصحافة الاستقصائية العربية اخذت دوراً حقيقياً في عملها من خلال نكران الصحافي لذاته ومن خلال تشريح حقيقي ليس على الورق وفي بنود وطيات بعض القوانين الصحافية العربية بشكل عام بل من خلال سماح الدول لممارسة هذه الصحافة ومن دون ضغوط على الصحافيين.
  • هل الصحافة العادية تقوم بدورها التنويري وتتمكن من النشر بحرية مطلقة سقفها السماء، كيف بالصحافة الاستقصائية الحقيقية؟ التي تسعى لكشف المستور والواسطة والمحسوبية والفساد الاداري والمالي والرشوة بصورها المتعددة والمتغلغلة في الادارات العامة والخاصة في العالم العربي وهل كشفها أو الاقتراب من حماها يعتبر خطا أحمر والويل لمن يقترب فالتهم جاهزة تتراوح ما بين العمالة والارتباط بالخارج الى محاولة اثارة الفتن واغتيال شخصية الغيورين على مصلحة الوطن والمضحين من اجل رفعته وازدهاره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *